يبدو ان البصرة رئة العراق وعاصمته الاقتصادية ونافذته البحرية ومأدبته العامرة والزاخرة التي اكل وشرب منها جميع العراقيين باعراقهم واثنياتهم وطوائفهم واديانهم وقومياتهم ، بل حتى غير العراقيين نالهم منها نصيب وسهم من سهام الخيرات ، فهي دار تتزاحم فيها الخيرات والثروات الطبيعية البرية والبحرية والنعم والموارد الاقتصادية المختلفة سيما البترولية منها ، وبلغت في ذلك حداً وسقفاً ما ان تعداد مصادرها وكنوزها وثرواتها لتنوء به العصبة اولي القوة من خبراء الاقتصاد ، وفي نفس الوقت يقعون في حيرة واندهاش وتعجب من حالة الاهمال والحرمان والبؤس والشقاء التي تعيشه البصرة واهلها ، يبدو انها تتعرض لحتمية بقاءها عراقية وتدفع ضريبة ذلك ، وتتعرض للذبح كبقرة بني اسرائيل ابتغاء لمرضاة مسعود وكردستان،فلم تزل ولا تزال البصرة حتى لحظة كتابة هذه الكلمات ، تقدم تضحيات كبيرة على كل الاصعدة والمجالات بسبب اخطاء الحكومات المركزية التي توالت وحكمت في العاصمة بغداد ، وتدفع ضريبة السياسات الخاطئة والرعناء تارة ، وتتحمل عبء التنازلات والاتفاقات التي تعقدها الحكومات المركزية مع اقليم كردستان ورئيسها المنتهية ولايته رسمياً مسعود برزاني تارة اخرى ، فقد دفعت اثمان باهضة في عهد النظام المقبور بسبب الحرب مع الجهورية الاسلامية في ايران ، وتكرر ذلك في حرب الخليج الاولى عندما احتل الكويت ، واستمر النزف عند احتلال العراق ٢٠٠٣ ، فكانت ساحة الصراع الاولى وميدان الحرب الاهم ، فتعرضت لاثار وتداعيات الحرب العسكرية واسلحتها ، وتحطمت بنيتها التحتية وتضررت المرافق الخدمية وفقدت معالمها الحضارية ،حيث ظهرت آثار اليورانيوم المنضب والغبار الذري الذي انتشر في جغرافيا واسعة من محافظة البصرة ، ظهرت آثاره صحيا على مواطني المحافظة ، وانتشرت الامراض السرطانية بشكل كبير ، فضلاً عن الامراض الناجمة عن استخراج النفط والغاز من حقولها ، وتأريخياً ، كانت البصرة السباقة للدفاع عن حياض العراق وسيادته ووحدته فقدمت الشهداء افواجاً في سبيل ذلك ، واما في التاريخ المعاصر الذي نشهده اليوم فكانت الرافد والمغذي لقافلة الشهداء في الحشد الشعبي ضد عصابات التكفير وشذاذ الآفاق التي تدعمهم وتمولهم وتعدهم مملكة الشر والتكفير السعودية ومن يدور في فلكها ، فالبصرة مصدر معطاء للخير ومعين لا ينضب من المجاهدين ، وركن وثيق وحصن حصين يستند اليه العلماء والمبلغين في نصرة الدين والمذهب ،ولكن ما الذي حصلت عليه البصرة الفيحاء ازاء ذلك ، وهل جزاء الاحسان الا الاحسان ، لقد اتخذها السياسيون وكثير من الذين اعتاشوا على خيراتها واعتمدوا مواردها وحصلوا على دعم اهلها ، اتخذوها بقرة حلوب لتنفيذ اجنداتهم سواء سياسية او دينية او اجتماعية او اقتصادية ، وتوسيع نفوذهم وامبراطوريتهم وضمان بقائهم في الحياة السياسية والاقتصادية ، وتأسيس اقطاعيات اقتصادية واستثمارات تجارية ، كما جعلوها مادة وموضوع للمقايضة والمساومة ، ونفطها على وجه الخصوص للرهن مقابل قروض مجحفة لا ناقة ولا جمل ولا عائد يعود عليها بقدر ما تحصده كردستان من فوائد وامتيازات ، واما النظرة الدونية ونزعة التمييز تحت عنوان " الشروگي " الذي يواجه اهل البصرة من اخوانهم وابناء طائفتهم وشركاء مصيرهم من المحافظات الوسطى ، فلا زالت تعتري الكثير وتظهر في لحن القول عندهم ، ما يزيد المظلومية اضعافاً مضاعفة ،واذا استمر هذا الحال ، فمن الافضل للبصرة ان تنفصل عن العراق بدلاً من كردستان ، وليحتفظ الساسة ومن وافقهم على سياسية الاذعان والرضوخ ، من علماء ومفكرين ومثقفين ومنظرين ، ان يحتفظوا بكردستان ويقدموا فروض وطقوس الطاعة لمسعود والبيشمركة " الباسلة " كما وردت على لسان احد خطباء الجمعة هذا اليوم تكريماً لها وتكريساً لظلمها ، هذه القوات التي ما فتئت وما زالت تقتل وتهجر وتغير الديموغرافيا في كركوك والمناطق التي تقضمها تحت ذريعة حرب داعش ، بينما ذوي شهداء الحشد في البصرة لم يستلموا حقوقهم ولم يحظوا باي رعاية تذكر ويعيشون معيشة ضنكى مع سائر العاطلين عن العمل والمستضعفين من الارامل واليتامى ، وهم يرون ارضهم تخرج اثقالاً واطنانا من الدولارات والذهب الاسود ، وهم يشربون المياه الاسنة والمالحة ويلتحفون السماء عوضاً عن الكهرباء ،عبد الله الجزائري
على النواب الشرفاء في البرلمان من اهل البصرة كانوا ام غيرها ان يردوا الجميل وينصروا البصرة ، ولا يصوتوا على هذه الموازنة الظالمة والمجحفة بحق البصرة والجنوب ، والتي تغبن حقوقهم وتصادر مستحقاتهم ، وتمنحها ظلماً وجوراً لاقليم متمرد لا يكشف عن الكميات الحقيقية المصدرة ، والذي استولى على عدة حقول من اختصاص وحق الحكومة المركزية واضافها الى حصته ، ان الالتفاف على قانون المحافظات رقم ٢١ لسنة ٢٠٠٨ المعدل يعتبر خيانة عظمى وانبطاح اعمى ابتغاءً لرضى مسعود وكردستان ، ويعتبر انقلاباً اسود بسواد بترول البصرة "الحبر " الذي كتبتم فيه مسودة الموازنة ، فكل ما عندكم من نفط البصرة وخيراتها ، فارجعوا البصر كرتين قبل ان ينقلب خاسئاً متحسراً على تفريطكم بثروة ونعمة البصرة ، ولات حين مندمالجمعة، 2 ديسمبر 2016
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق